ما هو التوحد؟
التوحد أو طيف التوحد هو عبارة عن اضطراب نمائي يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي، كما يمكن أن يتضمن مجموعة من اضطرابات السلوك الملحوظة. تصل نسبة انتشار التوحد إلى طفل واحد من بين كل 59 طفلاً. تُعتبر تكلفة الأساليب العلاجية للتوحد القائمة على الأدلة مرتفعة، حيث تزيد تكلفة الخدمات الخاصة بالتوحد في الولايات المتحدة الامريكية عن تلك المخصصة لعلاج أي مشكلة صحية أخرى؛ كما أنها تزيد عن التكلفة العلاجية لمرض السرطان وأمراض القلب والسكتات الدماغية مجتمعةً!
هل يؤدي المطعوم الثلاثي MMR إلى الإصابة بالتوحد؟
تشير الدلائل العلمية إلى أنه لا توجد علاقة بين التطعيمات والتوحد على الرغم من إنفاق ملايين الدولارات للبحث والتحقيق في هذا الموضوع، والتي كان من الأجدر إنفاقها على تمويل العديد من البحوث العلمية الهامة. نشر أندرو ويكفيلد ومجموعة من زملائه دراسةً في مجلة (ذا لانسيت) الطبية تشير إلى وجود علاقة بين المطعوم الثلاثي والتوحد، إلا أنه تم لاحقاً اكتشاف حصول ويكفيلد قبل إجراء هذه الدراسة على أكثر من 100,000 دولار أمريكي من قبل مجموعة من المحامين وأولياء الأمور الذين يسعون لرفع قضية ضد الشركات المصنعة للمطاعيم بسبب الأضرار المزعومة الناتجة عن جرعات المطعوم الثلاثي. هذا بالإضافة إلى أن اختيار العينة المشاركة في هذه الدراسة كان متعمداً وليس عشوائياً؛ حيث أنه قد تم اختيار هذه العينة تحديداً لتأكيد نتائج الدراسة كونهم مشخصين بالتوحد ويعانون من صعوبات في الجهاز الهضمي. كما لم يتبع هذه الدراسة أية دراسة أخرى أو بحث علمي لدعم نتائجها.
كما قام مادسن وعدد من زملائه عام 2002م بإجراء دراسة على نطاق واسع في الدنمارك شملت أكثر من نصف مليون طفل ممن وُلدوا بين العامين 1991م و 1998م، من ضمنهم أكثر من 100,000 طفل لم يتلقوا جرعة المطعوم الثلاثي. وعليه، تم عمل مقارنة بين عدد حالات التشخيص بالتوحد ضمن مجموعة الاطفال الذين لم يتلقوا المطعوم الثلاثي مع مجموعة الاطفال البالغة أكثر من 400,00 طفل ممن تلقوا المطعوم الثلاثي؛ حيث أنه من المفترض ملاحظة اختلاف واضح في عدد الأطفال من ذوي التوحد بين المجموعتين في حال وجود أي علاقة بين تلقي المطعوم والتشخيص بالتوحد. ولكن بالعكس، كانت نسبة انتشار التوحد بين المجموعتين متطابقة. ولذا قدمت هذه الدراسة دليلاً قطعياً ينفي فرضية ارتباط تلقي المطعوم الثلاثي بالإصابة بالتوحد، وهي النتيجة ذاتها التي توصلت لها جميع الجهات الرسمية التالية: مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، الأكاديمية الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية، منظمة الصحة العالمية، ومجلس البحوث الطبية في المملكة المتحدة.
من هم الأفراد المؤهلين لممارسة تحليل السلوك التطبيقي ABA ؟
يجب على الشخص المسؤول عن تطبيق برنامج تحليل السلوك التطبيقي أن يكون محلل سلوك مختص. وهناك مجلس اعتماد محللي السلوك (®BACB) الذي يضع المعايير الخاصة للحصول على شهادة محلل السلوك المرخص من قبل المجلس ®BCBA. ويمكن إيجاد هذه المعايير هنا .www.bacb.com ويجب على من يرغب بتطبيق برنامج تحليل السلوك التطبيقي أن يكون من حملة شهادة الماجستير أو الدكتوراة في أي من تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية مثل علم النفس، التربية، والتربية الخاصة بالإضافة إلى مجموعة من شهادات ما بعد التخرج في مجال تحليل السلوك تحديداً. من المؤهلات الهامة التي يجب توافرها كذلك هو أن يكون لدى الفرد خبرةً عمليةً واسعةً ذات صلة في العمل مع أشخاص من ذوي التوحد، كما يجب أن تكون هذه الخبرة خاضعة للإشراف من قبل مختص. علاوةً على ذلك، يجب على الشخص الحاصل على شهادة محلل السلوك المرخص BCBA أو شهادة مساعد محلل السلوك المرخص BCABA أن يعمل على مواكبة جميع التطورات في هذا المجال من خلال الحصول على ما لا يقل عن 36 ساعة من التعليم المستمر كل 3 سنوات. يبلغ عدد الموظفين الحاصلين على شهادة محلل السلوك المرخص من قبل مجلس اعتماد محللي السلوك BCBA في المركز حالياً حوالي 66 موظفاً وموظفة.
هل ينجح تحليل السلوك التطبيقي ABA في جميع الحالات؟
يحقق معظم الأطفال المشخصين بالتوحد تقدماً ملحوظاً ويكتسبون العديد من المهارات القيمة بالإضافة إلى قدر أكبر من الاستقلالية عند تطبيق البرامج العلاجية التي تستند على تحليل السلوك التطبيقي ABA. لكن على الرغم من تمكن هذه البرامج العلاجية من إثبات فعاليتها ونجاحها في الكثير من الحالات، إلا أن العديد من جوانب تطبيق مبادئ تحليل السلوك في معالجة التوحد لم يتم التحقق منها بشكلٍ كافٍ. فعلى سبيل المثال، لا يزال عدد الساعات المطلوبة لتحقيق تغيير ملموس غير محدد، بالإضافة إلى الصعوبة البالغة في تعليم بعض المهارات وعدم القدرة على تحديد أفضل استراتيجيات التدريس. ومع ذلك، فإنه من المحتمل جدًا أن تلعب كفاءة مقدمي الخدمات، سواءً المعالجين المباشرين أو المعلمين والمشرفين عليهم، دورًا هاماً في التقدم الذي يحرزه أي طفل.
ما هو تحليل السلوك التطبيقي ABA؟
تحليل السلوك التطبيقي ABA هو عبارة عن تطبيق مجموعة من مبادئ السلوك المصادق عليها بالتجربة لبناء المهارات من خلال التعليمات الموجهة. يسعى تحليل السلوك التطبيقي أيضاً إلى التعامل مع المشكلات السلوكية من خلال تحديد الغرض من حدوثها وإعداد خطة تدخل شاملة لتعليم الشخص من ذوي التوحد مجموعة من البدائل الوظيفية المناسبة. يُعتبر تحليل السلوك التطبيقي نهجاً لتحليل المشكلات السلوكية وأوجه القصور في مهارات الفرد المشخص بالتوحد. حيث يتفرد كل شخص من ذوي التوحد بعدد من المهارات وعدد من جوانب القصور دون غيره. وعليه، فإنه من غير الممكن اعتماد نهج علاجي واحد لجميع الأطفال من ذوي التوحد؛ حيث يستند تحليل السلوك التطبيقي على تحديد المزايا والاحتياجات الفردية الخاصة بكل طفل من ذوي التوحد واتباع التعليمات المناسبة للتعامل معها.
يُعتبر تحليل السلوك التطبيقي ABA، كنهج للتعامل مع الأشخاص من ذوي التوحد، تطبيقاً لمبادئ التعلم لبناء مختلف المهارات وعلاج المشكلات السلوكية. والسبب وراء نجاح هذا النهج هو أنه قائم على تقييم سلوك كل شخص لتحديد مجموعة المهارات التي لم يتمكن بعد من إتقانها واستخلاص المشاكل السلوكية التي تعرقل عملية التعلم والأداء الاجتماعي بشكل عام. وبناءً على كل ما سبق، يتم استخدام هذه التقييمات لتحديد الأهداف ووسائل قياس وتقويم الأداء.
ما هي أفضل العلاجات المٌثبت فعاليتها في علاج التوحد؟
تشير الدلائل العملية أن أنجح طرق علاج التوحد وأكثرها فعالية هي تلك القائمة على الأدلة والتعليم؛ والتي من شأنها أن تساعد على زيادة وتحسين مهارات التواصل والرعاية الذاتية، والمهارات الاجتماعية والأكاديمية لدى الأشخاص من ذوي التوحد. تُعتبر العلاجات المبنية على فهم طرق التعلم لدى الأطفال، مثل تحليل السلوك التطبيقي، أكثرها فعالية وتأثيراً للأطفال المشخصين بالتوحد. وعليه، تستند الخطط والبرامج التعليمية والعلاجية التي يتم تصميمها في مركز محمد بن راشد للتعليم الخاص- بإدارة مركز نيوإنجلاند للأطفال على نهج تحليل السلوك التطبيقي؛ بحيث يتم اعتماد خطة علاجية فردية مختلفة لكل طفل استناداً على الاهداف المرجوة ويتم مراقبة مستوى تحسن وتطور الطفل في تحقيق هذه الأهداف بشكل مستمر مع إعلام أسرة الطفل بجميع المستجدات.
ما هي الفحوصات والتقييمات المطلوبة لتشخيص التوحد؟
لا يوجد فحوصات أو اختبارات طبية معينة لتشخيص اضطراب التوحد، عوضاً عن ذلك تُعتبر أفضل وسيلة للتشخيص هي دراسة سجلات النمو لدى الطفل بشكل شامل والمراقبة الحثيثة لسلوكياته في مختلف المواقف المحددة والفجائية. أهم أدوات التشخيص التي يعتمدها أطباء الأطفال للتشخيص، وهم على رأس القائمة لملاحظة وتقييم التأخيرات النمائية لدى الأطفال، هي الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) والتصنيف الدولي للأمراض (ICD). وفي حال اعترى الطفل أي من أعراض اضطراب طيف التوحد، يقوم طبيب الأطفال بإحالة العائلة على الأرجح إلى أخصائي أطفال متخصص في النمو. يقوم الأخصائي بدوره بإجراء تقييم رسمي شامل للطفل يبدأ بمقابلة مقدم الرعاية المسؤول عن الطفل. وهنالك أداتان أساسيتان يستخدمهما الأطباء للتقييم والتي يتوجب على الطبيب الحصول على تدريب كاف حتي يتمكن من استخدامهما. الأولى هي مقابلة التشخيص بالتوحد (ADI)، والتي تم تصميمها عام 1994م من قبل لجنة خاصة من خبراء التوحد تترأسها كاثرين لورد. أما الأداة الثانية فهي المقابلة التشخيصية للإضطرابات الاجتماعية والتواصلية (DISCO) والتي صممتها لورنا وينج مع مجموعة من زملائها في الممكلة المتحدة. كما يجب أن يتم إجراء مراقبة منظمة ودقيقة للطفل باستخدام معيار التقييم الذهبي الحالي للتشخيص ألا وهو جدول مراقبة التوحد (ADOS). يحتاج الطبيب اجتياز تدريبات عملية كافية لتطبيق هذه الإداة.
أتمّ طفلي 3 سنوات ولم يتكلم بعد، هل هذا يعني بالضرورة أنه من ذوي التوحد؟
لا، حيث إن هنالك العديد من الاضطرابات التي قد تؤدي إلى تأخر النطق عند الأطفال. ولكن يتوجب على الأهل إجراء تقييم فوري للطفل في حال بلوغه سن الثالثة دون أن يتكلم. يبدأ معظم الأطفال بالمناغاة قبل بلوغهم عامهم الأول، ويتمكن الطفل من استخدام كلمات مفردة للتواصل قبل إتمام 18 شهراً. لذلك يجب عرض الطفل في أسرع وقت ممكن على أخصائي نمو أطفال، لإجراء التقييم اللازم للتحقق من وجود التوحد من عدمه، إن لم يُظهر الطفل أياً من السلوكيات السابقة أو في حال فقدانه لأي من مهارات التواصل أو المهارات الاجتماعية.
ما هي العلامات التي قد تظهر على الطفل من ذوي التوحد؟
على الرغم من تنوع الأعراض المرتبطة بالتوحد، إلا أن هنالك سلوكيات محددة يجب تواجدها للتشخيص به. أولاً، يجب أن يكون هنالك ضعف أو قصور في التفاعل الاجتماعي المتبادل. حيث يُلاحظ على الطفل من ذوي التوحد تجنب التواصل البصري مع الآخرين أو معاملتهم بنفس طريقة معاملة الطفل للجمادات. لا بد أيضاً من وجود عجز واضح في القدرة على التواصل لتشخيص الطفل بالتوحد، فهنالك العديد من مشكلات التواصل المحددة والتي تم توثيقها لدى الأطفال من ذوي التوحد، مثل الاستخدام الخاطئ للضمائر. يجب التنويه على أن هذا المجال تحديداً يتسع للعديد من مشكلات التواصل ليشمل غياب أي مهارة من مهارات التواصل الوظيفية. إضافةً إلى ذلك، يُعتبر تكرار الطفل لبعض السلوكيات أو التزامه الملحوظ ببعض التصرفات النمطية من أساسيات التشخيص بالتوحد. من العلامات السائدة أيضاً لدى الأشخاص من ذوي التوحد تمسكهم ببعض السلوكيات النمطية، حيث أثبتت البحوث العلمية الحديثة أنه على الرغم من كون بعض السلوكيات النمطية مألوفة بشكل عام أثناء النمو، إلا أنها تميل إلى الاستمرار مع الأطفال المشخصين بالتوحد إلى ما بعد مراحل النمو عندما يتم استبدالها عادةً بالسلوكيات الوظيفية. أخيراً، يُلاحظ على الأطفال من ذوي التوحد الافتقار إلى اللعب الرمزي (أوالتخيّلي).
كم عدد الأشخاص المشخصين بالتوحد؟
ذكرت التقديرات القديمة أن نسبة انتشار التوحد هي حوالي 2 من كل 10,000 شخص، في حين تشير التقديرات الحديثة أن ما نسبته طفل أو أكثر من بين كل 59 طفلاً في الولايات المتحدة يعاني من أي من اضطرابات طيف التوحد وفقاً لإحصائيات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC). كما يُعتقد بأن الإحصائيات في دولة الإمارات العربية المتحدة مشابهة لتلك في الولايات المتحدة على الرغم من عدم وجود دراسة أو تحليل شامل لانتشار التوحد حتى الآن.
ومن المحتمل أن يكون الانتشار المتزايد لاضطراب التوحد في الولايات المتحدة ناتجاً عن زيادة الوعي باضطراب طيف التوحد من قبل المجتمع ومن قبل الأطباء ومقدمي الخدمات الآخرين، ذلك بالإضافة إلى توفر أدوات تشخيص أفضل تغطي بشكل أكثر دقة جميع اضطرابات طيف التوحد. كما تشير الأدلة إلى انخفاض نسب التشخيص بالإعاقات العقلية كتشخيص رئيسي مقارنة بالأزمنة السابقة؛ حيث يتزامن تزايد انتشار التوحد مع انخفاض هذه النسب. ومع ذلك، لا بد من الإقرار بأنه لا يمكن التغافل عن احتمالية زياردة انتشار طيف التوحد عبر الزمن.
ما هي أسباب التوحد؟
تلعب الوراثة الجينية دوراً مهماً في التسبب باضطرابات طيف التوحد (ASD)؛ حيث تتفاعل العوامل الوراثية على الأغلب مع المتغيرات البيئية لتؤدي إلى التوحد. وتشير الأبحاث العصبية الحيوية إلى احتمالية أن يكون التوحد نتيجةً لشذوذ وراثي محدد في نمو الدماغ. قد يبدأ هذا النمو غير الطبيعي للدماغ قبل ولادة الطفل. في حين يصعب على الباحثين في علم الوراثة تحديد كروموسوم (كروموسومات) معين مسبّب للتوحد، إلا أن الدراسات الحديثة استطاعت تحديد العديد من الآليات الجينية التي قد يؤدي أي منها إلى التوحد.